في عالم المال والاستثمار، كثيرا ما نسمع عن كلمات مثل الأسهم وسوق الأسهم والتداول، لكنّها تبدو غامضة لمن لم يجرّبها من قبل. الحقيقة أنَّ هذه المفاهيم ليست معقَّّدة كما يظنُّ الكثيرون، بل يمكن لأي شخص فهمها بسهولة إذا بدأ من الأساس.
فـالأسهم ببساطة هي طريقة تُمكّنك من أن تصبح شريكا صغيرا في شركات كبيرة، وسوق الأسهم هو المكان الذي يتمّ فيه بيع هذه الأسهم وشراؤها بين الناس.
في هذا المقال سنشرح خطوة بخطوة، وبأسلوب مبسّط جدّا، ما هي الأسهم، وكيف يعمل سوق الأسهم، وما الذي يجعل أسعاره ترتفع أو تنخفض، حتى تتكوَّن لديك صورة واضحة عن هذا العالم المثير.
لنبدأ أوَّلا بفهم معنى السَّهم نفسه ...
ما هي "الأسهُم"؟
تخيّل أن هناك شركة كبيرة مثل "Apple" أو "CEA Industries".
هذه الشركة تحتاج مالا لتتوسَّع - مثل بناء مصانع جديدة أو تطوير منتجات جديدة.
لكن بدل أن تذهب لتقترض من بنك، تختار أن تبيع أجزاء صغيرة من ملكيَّتها للنَّاس.
كل جزء صغير من هذه الشَّركة يُسمَّى "سَهم".
إذن: السهم هو جزء من ملكية شركة.
يعني عندما تشتري سهما واحدا في شركة، تصبح "شريكا صغيرا" فيها. لديك حصة، حتى لو كانت صغيرة جدّا، من ممتلكات الشركة وأرباحها، وإذا اشتريت نسبة كبيرة من أسهم شركة تصير "شريكا كبيرا" أيضا.
ما هو "التداول" في الأسهم؟
كلمة تداول تعني ببساطة البيع والشراء.
يعني: أنت تشتري سهما اليوم بسعر معيّن، ثم تبيعه لاحقا عندما يرتفع السِّعر.
الهدف من التداول هو تحقيق الربح من تغيّر الأسعار.
بكلمات أخرى، التداول في الأسهم هو الطريق العملي الذي يسلكه الناس لمحاولة تحقيق الأرباح من حركة الأسعار. فهو لا يتعلّق بامتلاك الأسهم لفترة طويلة، بل بفكرة الشراء في وقتٍ مناسب والبيع في وقتٍ أفضل.
مثال بسيط جدّا:
اشتريت سهم شركة بسعر 10 دولارات. بعد أسبوع، ارتفع السعر إلى 15 دولارا. إذا بعته في ذلك الوقت، ربحت 5 دولارات عن كل سهم. لكن يمكن أن يحدث العكس أيضا، أي ينخفض السعر، فتخسر جزءا من مالك. لهذا السبب، تداول الأسهم يحتاج إلى تعلم وصبر وليس مجرد الحظّ.
كيف يربح النَّاس من الأسهُم؟
العديد من الأشخاص يسمعون عن أشخاص يربحون المال من سوق الأسهم ويتساءلون: كيف يحدث ذلك؟ هل الأسهم مجرد أرقام تتحرك على الشاشة؟ أم أن هناك طرقا حقيقية تجعل الناس يجنون منها أرباحا فعلية؟ في الحقيقة، هناك طريقتان أساسيتان يُمكن للنّاس من خلالهما تحقيق الربح من الأسهم:
الطّريقة الأولى: ارتفاع السّعر
مثلا: اشتريت سهم في شركة بقيمة 10 دولارات.
بعد سنة، ارتفع سعر السَّهم إلى 15 دولارا.
إذا بعته، تربح 5 دولارات.
هذا يُسمّى الربح من فرق السعر (بالإنجليزيَّة: Capital Gain).
الطّريقة الثَّانية: الأرباح الموزَّعة
بعض الشَّركات توزِّع جزءا من أرباحها على المساهمين (الأشخاص الذين اشتروا الأسهُم) بشكل دوري.
مثلا، تدفع لك 1 دولار عن كل سهم تملكه كل 3 أشهر.
هذه تُسمى توزيعات أرباح.
ما هو "سوق الأسهم"؟
الأسهم لا تُباع في الشارع مثل الخضار أو في أماكن مشبوهة مثل المخدّرات، بل تُباع وتُشترى داخل مكان منظَّم اسمه سوق الأسهم.
هو ببساطة مكان إلكتروني أو فعلي تُعرض فيه الأسهم وتُشترى وتُباع بين النَّاس.
فعلى سبيل المثال:
- بورصة نيورورك المرمَّزة بـ(NYSE)
- بورصة ناسداك المرمَّزة بـ(NASDAQ)
- بورصة لندن المرمَّزة بـ(LSE)
الفرق بين المستثمر والمضارب
في سوق الأسهم، هناك نوعان من الأشخاص:
- المستثمر: هذا الشخص يشتري الأسهم وينتظر سنوات. لا يهتم بحركات السعر اليومية، بل يركّز على الشركات الجيدة التي ستنمو بمرور الوقت. مثلًا، من اشترى أسهم "مايكروسوفت" أو "آبل" قبل عشر سنوات، اليوم صار يملك أضعاف ما دفعه.
- المضارِب: أو المتداوِل، هذا الشخص يشتري ويبيع بسرعة. أحيانا خلال يوم واحد أو أسبوع فقط. يركّز على التَّحليل الفنّي، أي متابعة الرسوم البيانية والاتجاهات، ليعرف متى يشتري ومتى يبيع.
ما الذي يجعل سعر السهم يرتفع أو ينخفض؟
سعر السهم لا يتحرّك عشوائيّا، بل يتأثّر بعدة أشياء، منها:
- نتائج الشركة: إذا أعلنت الشركة عن أرباح كبيرة، عادة يرتفع السهم. وإذا كانت النتائج سيئة، ينخفض.
- الأخبار: أي خبر كبير عن الشركة أو السوق أو الاقتصاد يؤثر على السعر. مثلا، لو أعلنت الحكومة عن ضرائب جديدة على الشركات، قد تنخفض أسعار الأسهم.
- العرض والطلب: مثل أي سوق في العالم. إذا كان هناك كثير من الناس يريدون شراء سهم معيّن، يرتفع سعره. وإذا كان الناس يبيعونه بكثرة، ينخفض السعر.
كيف تبدأ التّداول في الأسهم؟
الخطوات بسيطة جدّا، لكن تحتاج تركيزا:
لاحظ أنّ هذه الخطوات عامّة، ولكلّ منصّة طريقتها في إنشاء الحساب والإيداع والسّياسات.
- افتح حسابا في شركة وساطة موثوقة: وهي المنصة التي تُمكّنك من شراء وبيع الأسهم (مثل XTB أو eToro أو Interactive Brokers). هذه الشركات تعمل كـ"وسيط" بينك وبين سوق الأسهم.
- أودع المال الذي تريد استثماره. ليس من الضروري أن تبدأ بمبلغ كبير، يمكنك البدء بمبلغ صغير لتتعلم.
- اختر الشركة التي تريد شراء أسهمها. اقرأ عنها، تعلّم كيف تعمل، هل تكسب أموالا فعلا؟ هل تنمو؟ لا تشترِ لمجرد أن الآخرين يشترون.
- اشترِ السهم وراقب الأداء. يمكنك بيعه متى شئت، أو الاحتفاظ به إن كنت مستثمرًا طويل المدى.
في النهاية يمكن القول إن سوق الأسهم ليس لغزا معقّدا كما يظنّه البعض، بل هو عالم يعتمد على الفهم والصبر والتعلّم المستمر. الأسهم تمنحك فرصة أن تكون جزءا من قصص نجاح الشركات الكبرى، لكنّها في الوقت نفسه تحتاج إلى وعي بالمخاطر والانضباط في القرارات.
ابدأ بخطوات صغيرة، تعلّم كيف تُحلّل وتفهم قبل أن تشتري، ولا تجعل العواطف تتحكّم فيك. ومع مرور الوقت، ستكتشف أن الاستثمار في الأسهم ليس مجرد أرقام تتحرّك على الشاشة، بل هو فنّ بناء الثروة بعقلٍ هادئ ورؤية طويلة المدى.